مُقَدَّمَةٌ
لَدَيْنَا جميعًا أوغاداً فِي حَيَاتِنَا نَكَاد نختنق مِن التَّعَامُل مَعَهُمْ بَلْ نَعْتَقِد أَحْيَانًا إِنْ وُجُودِهِم قَد يقودنا إلَى الْجُنُونِ أَنَّهَا مَشَاعِر مُزْعِجَة ومحبطة ومرهقة لَا سِيَّمَا حِينَ نَكُونَ تَحْتَ ضَغْطٍ فَإِن التَّعَامُل مَعَهُم أَشَدُّ مِنْ حَمَلَ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي و نُصْبِح فِي صِرَاع بَيْن قيمنا و مَا تربينا عَلَيْهِ وَ بَيْن الِانْفِجَار فِي وُجُوهِهِمْ و لِيَكُن مَا يَكُونُ ؛ و عِنْدَمَا نَبْدَأ فِي فِعْلِ ذَلِكَ نَجِد أَنْفُسِنَا حَيارِي قَد شُلَّت أركاننا لَا نَسْتَطِيعُ فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ حَتَّي مُجَرَّدُ قَوْلِ شَيّ نَدْفَع بِهِ عَنْ أَنْفُسِنَا أَذَاهُم و يَسْتَمِرّ النزيف ؛ فنعتمد عَلَى ضَمَائِرِهِم وَنُفُوسُهُم اللَّوَّامَة لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ و لَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَن تُنَادِي و لَعَلَّك - عَزِيزِي الْقَارِئ - تَسْرَح بخيالك الْآن متذكراً مَا رَأَيْته أَوْ مَا حَدَثَ مَعَك أَنْت شخصياً مِن إساءات مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاس و لَمْ تَجِدْ وَقْتِهَا مَا تَفْعَلُهُ أَوْ أَنَّ تُدِينُك قَد حَبَسَك دُونَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِالْمِثْل وَلِذَلِك اقْتَنَيْت هَذَا الْكِتَابِ باحثاَ عَنْ خُطَّةِ لِلتَّعامُلِ مَعَ الْأَوْغَاد .
مهلاً . . مهلاً لَا أَعْلَمُ لِمَاذَا خَشِيت الْآنَ مِنْ كَوْنِك أَحَدُهُم . . لَا لَا حَاشَاك أَنْ تَكُونَ وغداً مِثْلُهُم ؛ تَعْلَم شيئاً حَتَّي لَوْ كُنْت كَذَلِك سأبني لَك حروفاً بَيْن ثَنَايَا هَذَا الْكِتَابِ لَعَلَّهَا تَأْخُذ بِيَدِك إذَا أَرَدْت كَفّ الأَذِي فتسعد و تُسعد .
لَا أَكْتُمُكَ سراً - عَزِيزِي الْقَارِئ - فَأَنَا اُكْتُب هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ أَثَر وَعْكَةٌ صِحِّيَّةٌ تَصَفَّحْت فِيهَا ذكرياتي الْقَدِيمَة فَتَذَكَّرَت فتاةً نَبِيلَة كَانَت تَتَرَدَّد علىّ فِي بَعْضِ وَرُشّ الْعَمَل الَّتِي نَقُوم بِتَقْدِيمِهَا و كَانَ ذَلِكَ النَّهَارُ وَرَشِّه إدَارَة الْمَشَاعِر و بِحُكْم عَمَلِي وخلطتي بِصُنُوف النَّاس الْمُخْتَلِفَة لَاحَظَت توترها الْمُسْتَمِرّ فَقُلْتُ لَهَا : (نرمين تليفونك يُعْجِبُنِي جداً و تِلِفُونِي قَدِيمٌ مُمْكِنٌ تُعْطَه لِي ؟ ) و كَانَت الْمُفَاجَأَة قَالَت : ( طَبْعًا . . طَبْعًا تفضل) و أَذْكُر إنَّنِي تَعَجَّبْت جداً يَوْمِهَا أَن الفَتَاة لَم تُقَاوِم أَو حَتَّي تَعْتَذِر بلباقة فَسَأَلْتُهَا : ( لِمَاذَا لَمْ تقاومي أَو تعتذري ؟ ) و الْحَقَّ أَنَّهَا أدهشتني بِإِجَابَة أَطاحَت بِكُلّ توقعاتي قَالَت : (هذا لَيْسَ أَوَّلُ شَيّ يَتِمّ أَخَذَه مِنِّي بِهَذِه الطريقة) أَوَّاه أَنَّ هَذِهِ الفَتَاة كَانَت عٌرضي للأوغاد لِزَمَن طَوِيلٌ كَانَت تَرَسَّم ابْتِسَامَةٍ عَلَى وَجْهِهَا و صَدْرِهَا يَحْتَرِق و مَا هِيَ إلَّا نَمُوذَج لضحايا الْأَوْغَاد .
تَرَى هَلْ السَّبَبُ فَقَطْ التَّطَوُّر السَّرِيع لِبَشَاعَة الْبَعْض ؟
أَمْ هُوَ ضِعْفُ مهارات مِنْ الضَّحِيَّةِ ؟
هَلْ هُنَاكَ طَرِيقَة حَقًّا لِلتَّعَامُل مَعَهُم ؟
نَعَم . . لَدَيّ هُنَا بَعْضُ الطُّرُقِ لِمُساعَدَتِك فِي التَّعَامُلِ الْمُعْتَدِين مِن الْأَوْغَاد
.
إرسال تعليق
يمكن أن تترك تعليقا